انت رفيقي يا صديقي وأغلى من خيي الحقيقي
عن الست ماجدة و السيد عصام - الزوج، الصديق، البي، الخي، والإبن.
بتحكي الست ماجدة عن أول مرة قابلت فيها السيد عصام، وفجأة العيون الدبلانة من البكي بترجع بتلمع من جديد.
"أنا جيت من أفريقيا وكان عمري 15 سنه، وهو كان جارنا بالبناية. من أول ما تقابلنا وهو كان الدليل إلي، علمني احكي عربي وعلمني عن الطرقات والمحلات، وعلمني عن جمال الحياة. وبقي يعلمني 42 سنه، لحد ما ترك هالدنيا الحلوة يلي بنالي ياها وفل."
أول ما تعرفنا عبعض، لبست عقد عليه حرف اسمه، وحضرت الجواب لكل مين بده يسأل إنه هيدا حرف إسم خيي عماد. رحنا عالسينما مع اختي وأخته، وبعدها خطبنا، وبعدها بكم سنه اتزوجنا، وبدأت رحلتي مع هالسفير يلي فرجاني العالم وكأن ما في حدا غيري وغيره بقلبه.
سفير الحياة إلي، سفير السعاده والحب.
صعب أوصف شو حبيت فيه أكتر: أناقته، أو حنيته، أو ثقافته، أو شخصيته. عصام صديقي المفضل بعالم ما عندي فيه أصدقاء كتير، خيي وبيي وأستاذي بأي بلد منسافر عليه، بأي موقف بحتاج فيه لدعمه، بأي طريق بحاجة أنا فيه لتوجيهات..
"سكري الخريطة، أنا بدلك."
وإبني وحبيبي بنفس الوقت، ابني يلي بخاف عليه وبطعميه بإيدي قدام العالم ولا كأنه فيه حدا غيرنا. كيف بيقدر شخص واحد يكون كل شي؟ مابعرف. بس هو كان كل شي."
بتفرجيني عقد حلو على رقبتها.
"هيدا منه، هداني ياه لما كان مريض."
بتبلع الغصة، وبتكفي حكي.
"وهو كان متعلق فيي كتير، كنت بأوقات أنا أطلب منه يروح يشرب قهوة مع رفقاته، يقول لي "منشربها سوا". قهوتنا كانت كل يوم، الساعة 11 قبل الضهر. نحط الركوة والبسكوت ونقعد نحكي عن هالدنيا، وعن الاولاد، وعن السفر، وعن عازار حبيب. هالغنية غنيتنا ، "إنت رفيقي يا صديقي"، كنت غنيله ياها كل يوم.
بس آخر فترة، ظهر موضوع جديد بأحاديثنا، لما اشتكى من كم عارض بيّن عليه. صارت أحاديثنا طبّية أكتر، عن تغير بالعادات الصحية، عن إنزعاج صغير، عن وجع كبير، عن سرطان. غريب هالسرطان. فات عحياتنا متل الحلم. سرق شوي من عصام، وشوي مني، وشوي من أولاده، تمسكنا بيلي منقدر عليه، بس بالآخر، السرطان بده ياخد يلي بيقدر ياخده.
بس ما قدر يسرق موعد قهوتنا عالساعة 11، يمكن غيرلنا القعدة شوي، هلأ صرنا نحسب حساب للمصل ومحل التخت، بس ترمس القهوة والبسكوت وعازار حبيب ما راحوا محل.
ويمكن سرق منا سفراتنا ومغامرتنا ومباريات التنس والفوتبول، بس نحنا اخترنا أكبر شباك وحطينا حده تخت عصام حتى يضل يشوف الدنيا بكبرها وجمالها، وكأنه بعده عم بيسافر ويتفرج من شباك طيارة، ومباريات الفوتبول ما انقطعت من تلفزيون غرفته.
ويمكن سرق من عصام راحته، وجبره ينام أكتر، ويشرد أكتر. يمكن سرق مني شعور الأمان إنه توأم روحي هلأ مرتاح ومش موجوع، وإني حاقدر إهتم فيه متل ما أنا بحب وهو بيستاهل. بس سند كانوا هون. أنا حكيت سند ومن بعد نص ساعة من الإتصال كان الممرض ايلي عنا بالبيت، وبعدها اجا دكتور من سند، أمنولنا تخت طبي وعلمونا على إجراءات لازم نعملهن، وكانوا بكل ما للكلمة من معنى، سند إلي ولرفيق دربي.
شردت بنظري دقيقة من الشباك، عم بتأمل بجمال الشجر وعم فكر ببكرا. "الله يرحمه" بيهمسلي الممرض بإذني. قربت لحده، وغنيتله غنيتنا. قبل ب 15 يوم كنت عم برقص معه عليها. هيدا العقد عملته إله."
بتدل على عقد برقبتها، بقلبه صورته، احرف اسمه، تاريخ ميلاده، وتاريخ وفاته.
"أنا حسيت بالضياع بعده لأنه هو كان دليلي. شانتال وزينة، (من وحدة الصحة النفسية بسند) ضمن جلسات الدعم النفسي للحداد، ساعدوني اتقبل إنه الحياة لازم تكفي، وإنه نعمة إنه عشنا هالأوقات الحلوة سوا، وإنه الحزن كبير وعميق، بس رح يجي يوم ويصير أحسن. كل عيد حب لما يكون مسافر بحكم عمله، كان يوصي بنتي تجبلي باقة ورد منه. بعيد الحب هالسنة، حروح أنا لعنده عالمقبرة، وديله باقة، إدعيله، وإحكيله شو اشتقتله، وغنيله متل ما كنت غنيله كل يوم "إنت رفيقي يا صديقي وأغلى من خيي الحقيقي."